كانت الخيل أحب الكائنات إلى قلبها، بهيئتها الرائعة التي تجمع بين الخطوط الانسيابية والقوية في آن واحد. كانت تعشق شعرها المتطاير في جنون، وعضلاتها البارزة القوية العفية وهي تعدو منطلقة. ولا تكل ولا تمل من النظر إليها. تتأمل كل صورة، وكل تمثال، وكل لوحة تمثل واحد منها.

 

أخذت تحكي له عن تلك اللوحة التي رأتها معروضة في الجاليري وكم ترغب في شراءها، حين باغتها بواحدة من ألعابه الذهنية التي كان يغرم بها والتي كانت تستمع بمشاركته إياها.

أتحبين الخيل لهذه الدرجة؟

نعم بجنون!

فاغمضي عينيك إذن.

نظرت إليه بعينين كلهما تساؤل واستغراب.

هيا أغمضي عينيك.

امتثلت لطلبه.

تخيلي أن أمامك حصان.

 

سكت قليلا حتى يهيأ لها الهدوء اللازم. نظر إلى وجهها: عينيها مغمضتين ورموشها السوداء الطويلة ترتاح على خدها الناعم، وقسماتها الهادئة تعلوها شبه ابتسامة.

هيا! صفي لي ما ترين!؟

حصان أبيض. يجري سعيدا. يتمايل شعره مع النسمات. يطوف حولي. أدور معه. لا أقو على رفع عينيي عنه. الله! كم هو جميل! رشيق. قوي. يرمقني بطرف عينه، كأنه يدعوني لامتطائه.

إذن، ماذا تنتظرين؟ هيا اعتلي ظهره!

لا. لا.

ولما لا؟

أخشى أن أقع. ثم أني لم أمتط حصان من قبل.

بل جربي! ماذا تخسرين؟ ثم أنكِ يجب أن تحاولي مرارا قبل أن تبرعي في ركوب الخيل. هيا حبيبتي! هيا تشجعي!

لا. لا. لا أستطيع. أعرف نفسي. سأقع حتما. ثم أنه يكفيني أن أراه يطوف من حولي. إن ذلك ليسعدني أيما سعادة. إنه رائع! لم تر عيني أروع منه!

لا بل حاولي مرة لأجلي.

حسنا. ها أنا أعتلي ظهره.

رائع! بما تشعرين الآن؟

إنه قوي جدا. لا أظنني قادرة على السيطرة عليه. إني خائفة.. يا إلهي! إنه يجري بسرعة! آه.. أشعر بعدم اتزان! آه.. أرأيت؟ قلت لك أني سأسقط. لماذا دفعتني إلى المحاولة؟ قلت لكَ أني لا أريد!

ماذا تقولين؟ ألم تفرحي على الأقل بالتجربة؟ لا أصدق ذلك!؟ ألن تحاولي مرة أخرى؟

لا، فعلتها مرة وندمت. لا، لن أحاول ثانية.

 

كانت حازمة في قرارها. طأطأ رأسه في خيبة وحزن.

كان حبيبها الذي بقدر ما تهيم به، تخاف منه. تخشى غدره.

Leave a comment